وجاء يوم التحرير، ورحب الناس بانتصارات قوات البنيات المرصوص وقد خاضت حرباً ضروساً لأكثر من مئتي يوم متواصلة، فقدت خلالها من رجالاتها أكثر من سبعمئة شهيد، وفاق الجرحى الثلاثة آلاف. 

حرب ضِدّ التطرف والغلّو، ضد فئة عرفت باسم “تنظيم الدولة الإسلامية”، تشدّدت وتصلّبت فكانت مخالفة لبني جنسها. رأت أن ديار الآخرين دار حرب، ونساءهم سبايا، وأموالهم غنيمة، فلم يكن بعد هذا إلاَّ خيار المواجهة “فقاتلوا التي تبغي حتّى تفئ إلى أمر الله”.

– – –

نتلو كتاب الله عزّ وجل فلا نجد فيه إلا الدعوة إلى اللين “وجادلهم بالتي هي أحسن” والدعوة إلى الإصلاح “إنا لا نضيع أجر المصلحين” والدعوة إلى التبصّر “أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” ونقرأ أحاديث المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، فنتوقف عند قوله “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة” وقوله: “الخلق عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله”، وقوله: “خيركم من يُرجَى خير ويؤمن شره”، وتسجل الدنيا خطبته صلّى الله عليه وسلم المعروفة بخطبة الوداع” إنَّ دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”، فكيف لفئة من الناس تعلن إسلامها على الملأ تخالف هذه المبادئ السمحة.

– – –

عرف أهلنا فقهاً مالكياً، وعقيدة سمحة مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومعطياتها أسلوب طيّب، وتآزر مفيد، وليونة حسنة، وتعاضد عظيم، وموالاة للضعيف، وموافقات للشرع والعرف متناغمة.

والفكر التّطرفي يتلازم دوماً مع إقصاء الثقافة الصحيحة، والتي مبعثها الاعتراف بالمواطنة والتي هي حق لكل من يستظل تحت لواء الدولة، واختلافاتنا الجزئية في آلية العمل مقبولة إذا كان الحوار هو رائدها، والحُسْنَى هي مأخذها فالمقارعة والمجادلة مخصوصة باللسان والقلم، وهما آلة الحياة، يفيء إليهما أهل الرأي والحكمة، فـ ـ “حرية التعبير” مكفولة للجميع بالتزام المعايير المتعارف عليها، ونحن نحزن لكل قطرة دم تراق، فالحياة قيمة مقدسّة، ومن خلالها نؤدي وظيفتنا كما أكدت عليها الشرائع الدينية والأعراف الإنسانيّة.

– – –

من منبر الثقافة ندعو إلى قيم الإسلام الصحيحة، قيم الإنسانية، دعوة الرُّسل جميعاً، ونداء الحكماء.. التآخي والتراحم والتوافق، وقيمة المرء بما يحسنه من عمل فيؤديه فيكون إنساناً نافعاً لنفسه ولعائلته ولقومه وللإنسانية قاطبة.

– – –

والهيئة العامة للثقافة بحكومة الوفاق الوطني تسجل اكبارها وتبجيلها وتكريمها لرجال البنيان المرصوص وهم في ساحات الموت، ليطووا بانتصاراتهم ملف الغلوّ والتطرف، محفزين السُّلط السياسية الليبية إلى الاندماج والعمل معاً من أجل ليبيا، داعمين بناء المؤسسات، وبسط الأمن، وتحقيق المشاريع العملاقة في خطط تنموية، فننعم جميعاً برخاء اقتصادي، وتقدم علمي، وصحة طيبة، مؤكدين بأنه لا مكان في ليبيا لمتشدد أو قاطع طريق أو ظافر بغنيمة أو مزهو مغرور، يريد التسلط،ـ فكلُّنا واحد، متعاونون خادمون لرفعة الوطن وتقدمه، وصدق الحق وهو يقول: “بيوت أَذِنَ الله أنْ ترفع”

حفظ الله ليبيا،،،