“الفساد وباء خبيث له آثار واسعة النطاق تفتك بالمجتمعات، فهو يقوض الديمقراطية وسيادة القانون، ويؤدي إلي انتهاكات لحقوق الإنسان، ويشوه الأسواق، وينال من نوعية الحياة، ويفسح المجال لتفشي الجريمة المنظمة والإرهاب, وتوجد هذه الظاهرة في جميع البلدان، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، ولكن آثارها تحدث أقصى تدمير لها في العالم النامي، ويؤذي الفساد أكثر ما يؤذي الفقراء، وذلك بتحويل الأموال المخصصة للتنمية عن غرضها، مما يسبب إضرارا بقدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية وتحقيق التنمية” .

بهذه الكلمات افتتح السيد كوفي عنان جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد اتفاقية مكافحة الفساد 13/10/2003 اقتناعا من دول العالم بأن الفساد لم يعد شأنا محليا بل ظاهرة غير وطنية تخص كل المجتمعات وتعد تهديدا حقيقيا لكل جهود التنمية  وتلقي بظلالها السوداء علي مسيرة الإنسان نحو تحقيق طموحاته وأهدافه

ومن أجل تهيئة بيئة داعمة لحوار المهتمين بقضايا الفساد وأحياءا لليوم العالمي لمكافحة الفساد  انعقد في طرابلس 8، 9 ديسمبر2012 المنتدى السنوي للنزاهة  والشفافية ومكافحة الفساد لذي ينظمه المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، تحت شعار (الطريق إلي الشفافية )، وحضر الافتتاح مدير عام المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي الدكتور طارق تنتوش، ورئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد السيد إبراهيم الجيلاني،  ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بليبيا ومنظمات المجتمع المدني التي تعنى بموضوع الفساد وعدد من الجهات الرسمية ذات العلاقة، وأعضاء من المؤتمر الوطني العام

يهدف المنتدى إلى دعم أسلوب الحوار العلمي بين المختصين والمهتمين بقضايا الفساد وتحديد مفهوم عام له في اتجاه رفع الوعي الاجتماعي ونشر ثقافة مكافحة الفساد، ويهدف أيضا إلى دعم التوجهات الوطنية معرفيا لتجاوز تحديات الفساد باتجاه المزيد من الشفافية والنزاهة مع إبراز الأبعاد المرجعية لمشكلة الفساد في إطارها الوطني والدولي مع التأكيد على أهمية تضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية من أجل التصدي لمشكلة الفساد .

وقدمت خلال المنتدى مجموعة من أوراق العمل وحلقات النقاش (طاولات مستديرة ) تناولت دور السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية في مكافحة الفساد وتناولت أيضا دور منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكذلك الخطاب الديني والإعلامي وسجل المهتمون  جملة من التوصيات والمقترحات للحد من هذه المشكلة وعلاجها.
 
ومن بين أوراق العمل والفعاليات التي تضمنها المنتدى ورقة عمل للدكتور سلطان بشير اليوسف  وفى سؤال حول دور السلطات التشريعية والقضائية في مكافحة الفساد أجاب :
“تقوم المؤسسات التشريعية بمراجعة القوانين السابقة والتحقق من مدى تماشيها مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، حيث يتم فيما بعد تحديث بعض القوانين وإلغاء البعض لتكون فعالة وممكنة التحقيق عن طريق السلطة التنفيذية ويتمثل دور القضاء في إعداد كوادر قضائية دولية ومحلية تستطيع أن تحكم على المخالفات التي يتم تحويلها من قبل الهيئة الوطنية للشفافية مستقبلا” .
وأضاف الدكتور سلطان عن واقع القوانين الليبية من حيث فعاليتها في مكافحة الفساد بأن القوانين كثيرة ومتضاربة وتفعيلها صعب ويجب أن تكون هناك هيئة وطنية مشتركة لتقنين هذه القوانين ووضع آلية للتفعيل.

وفي ذات السياق أكد الدكتور عبد الهادي على في ورقة عمل حول متابعة الأموال الليبية المنهوبة أنه لابد من تشكيل فريق وطني متخصص تكون مهنته متابعة الأموال حيث تقسم تلك الأموال إلى أموال عامة تخص مصرف ليبيا المركزي وأموال صناديق المؤسسات الاستثمارية وأموال تخص أبناء القذافي، وأضاف بأنه يجب أن تحدد قاعدة بيانات مع ضرورة استرداد الأموال المنهوبة في الداخل أولا .

وقدم الدكتور اوليفر ستولب كبير مستشاري البنك الدولي ورقة عمل حول مبادرة استرجاع الأموال المنهوبة وشرح مقاربات لصياغة إستراتيجية تعتمد على إنشاء مؤسسات مستقلة في كل دولة من أجل مكافحة الفساد .

وحول دور الخطاب الديني في مكافحة الفساد تقدم الدكتور خالد المحجوبي بورقة عمل أوضح فيها كيف حارب الإسلام ظاهرة الفساد وناقش شكل وموضوع الخطاب الديني وأشار إلي ضرورة تكوين وعي ديني بمخاطر الفساد على الفرد والمجتمع .

وفى سؤال  حول الطريقة المثلى التي من الممكن تنفيذها لتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في محاربة الفساد وضعت الطاولة المستديرة المكونة من السيدات (عواطف الأسطى وليلى الشبو وحميدة ابوزويدة وكريمة رجب وخدوجة الشوشان) وضعت مقترحا لطريقة نموذجية للتفعيل  دور المؤسسات وتعتمد على :
الاعتراف بدور المؤسسات وتفعيلها بداخل قطاعات الدولة وحصر الفئات المستهدفة في عمل مؤسسات المجتمع المدني وتنظيم وتحسين نظام المحاسبة وتطوير نظام الرقابة وإنشاء قاعدة بيانات معلوماتية وطنية من أجل حصر ذوي الدخل المحدود والخريجين  ومحاولة استثمار الطاقات الشبابية وأوصت المجموعة بضرورة سن مادة في الدستور يضمن حقوق مؤسسات المجتمع المدني .

وفي ختام المنتدى تم تدوين المقترحات والتوصيات وقامت اللجنة المشرفة باستعراضها على الحاضرين ثم أعلن اختتام المنتدى.