وزارة الثقافة والمجتمع المدني، وهي تخطو بخطى وئيدة نحو تجذير الوعي المجتمعي بأهمية صون موروث ليبيا من الضياع والتفريط، تفاجأت بنشر خبر عبر وسائل الإعلام عن صدور قرار “حكومي” يطال معلماً من معالم ليبيا الثقافية، ومبنى من أبنيتها التاريخية، وهو “متحف ليبيا” – “قصر الخلد سابقا”، الذي صدر بشأنه قرار رئيس مجلس الوزراء من دون علم وزارة الثقافة والمجتمع المدني، ليكون المقر الإداري للمجلس الأعلى للقضاء.

وللعلم فقد سبق صدور قرار التخصيص، تأكيد الوزارة، ورفضها الواضح في اجتماعين اثنين لمجلس الوزراء، وبتفهم ودعم كافة الوزراء، الطلب المقدم من وزارة العدل، بناء على طلب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بخصوص تخصيص المبنى للمجلس. وقامت وزارة الثقافة والمجتمع المدني، حينها، برفض الطلب شارحة الأسباب، ومشفوعا ردها بالحجة والنص القانوني، ودعمت ذلك بمذكرة شارحة بالأدلة والأسانيد بطلان القرار قانونيا، ومخالفته لقانون حماية الآثار، ومنوهة إلى فداحة الإجراء على خصوصية المتحف وفرادته من حيث الموقع والرمزية التاريخية للمبنى كأيقونة ثقافية بعاصمة البلاد، تحوي كنوز تاريخ ليبيا منذ عصور ما قبل التاريخ، إضافة إلى تميزه ضمن المتاحف الليبية، القليلة والمتهالكة، بالحداثة والتقنية، كما انه مسجل بالمنظمة العالمية للمتاحف (الايكوم) كواحد من أفضل المتاحف الحديثة والقليلة المزودة بتقنيات العرض المعتمدة على الحواس الخمس، والتي تكلف إنجازها عام 2009م ضمن مشروع نفذته شركة إيطالية مختصة، ما قيمته 20 مليون دينار ليبي.

وبناء على ذلك، أعاد السيد وزير الثقافة والمجتمع المدني طرح الموضوع على مجلس الوزراء مجددا رفضه، ومبررا إياه، مرفقا به مذكرة خاصة، ومذكرة رئيس مصلحة الآثار، ليقرر مجلس الوزراء في اجتماعه العادي السادس والعشرون 26 يوم الأربعاء 21 أغسطس 2013م، اعتماد المذكرة المقدمة من الوزارة بمحضر الاجتماع، ومخاطبة الجهات المعنية بالقرار، ومنها رئاسة المؤتمر الوطني العام.

والوزارة، وهي تنتظر ما سيترتب عليه الاتصال بالجهات المعنية، لا تتحمل أي مسؤولية رسمية أو قانونية، أو أي تبعات وتداعيات لهذا القرار، باعتباره مخالفا للقوانين النافذة، وتعديا على جهة الاختصاص ممثلة بها وبمصلحة الآثار، وعلى مسؤوليتها الوظيفية والرسمية والوطنية كراعية للتراث الوطني.

عليه، تأمل وزارة الثقافة والمجتمع المدني من رئاسة مجلس الوزراء وكذلك من الجهات المعنية، بعد أن شرحت الأسباب، وقدمت الحجة، وبينت التجاوز الإداري وأثره من حيث الاختصاص والمخالفة القانونية لقانون الآثار (رقم 3 لسنة 1994) بشأن حماية الآثار والمباني التاريخية، حيث تشير المادة 35 الخامسة والثلاثون منه “إن المدن القديمة والمباني التاريخية ومعالمها وشواهدها ممتلكات ثقافية إنسانية لا يجوز التصرف فيها بأي وجه من الوجوه إلا عن طريق الجهة المختصة”، وهي بهذا الحال والشأن تمثل بمصلحة الآثار التابعة لوزارة الثقافة والمجتمع المدني، وما له من تراجع وردة على مستوى الوعى بالقيم المدنية والقيمة الرمزية والهوية الوطنية، أن يتم إصحاح ما تم، وإعادة الأمر إلى الوضع الذي كان عليه بما لا يضعنا في حرج ومحط تساؤلات خبراء وباحثي الآثار الليبيين، وأمام المنظمات الدولية المعنية بالتراث الثقافي وحفظه، والتي وقعت ليبيا على عديد الاتفاقات الملزمة باحترام التراث الحضاري وصيانته، وكذلك البعثات الآثارية الاجنبية العاملة بليبيا. كما أن الوزارة تناشد الجميع، الحكومة والمؤتمر الوطني والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، وكافة المواطنين، التكاتف والعمل على حفظ آثارنا الحضارية، والوعي بأهمية موروثنا الثقافي والتراثي الوطني المادي والمعنوي، كما لو كان واجبا وطنيا وإنسانيا تشرف به الأمة الليبية، ويرفعها الى مصاف الأمم المتقدمة.

حفظ الله ليبيا

وزارة الثقافة والمجتمع المدني

صدر في طرابلس بتاريخ

17 شوال 1434هـ

24 أغسطس 2013م