كنا نأمل أن نحتفل سويًا هذا العام، بالعيد الثالث والأربعين لتأسيس المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، الذي يمثل الأرشيف الوطني للدولة الليبية، ويضم بين جدرانه أكثر من 27 مليون وثيقة مؤرشفة

كنا ننتظر أن يتم فتح فروع أخرى للمركز لتلتحق بفروعه في كل من بنغازي، وسبها وغدامس، أو ربما كنا ننتظر أن يتم تكريم الدكتور محمد الطاهر الجراري، ومن معه من باحثين، وموظفين، وجامعي الوثائق الشفهية، والمرئية، والمخطوطة، فقد حقق المركز بميزانيات ضئيلة ما عجزت عنه مؤسسات صرفت لها الضعف.

أصدر المركز أكثر من 1000 عنوان، وساهم في المئات إن لم نقل الآلاف من البحوث، وهو بيت خبرة لجل المؤسسات الليبية، السياسية، والثقافية، وحتى الاقتصادية، والعلمية.

اليوم تتقاذفه رياح المصالح الشخصية الضيقة، ويعامل وكأنه شركة تجارية مات ورثتها، ووجب تصفيتها والاستحواذ عليها.

المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، حارس الهوية الليبية، وآخر ما تبقى من أرشيف ليبيا الذي لم تطاله أيدي العابثين، والسماسرة، يتعرض منذ العام 2005 للتهديد، تارة بالابتزاز، وتارة أخرى بالقفل، وقد أدخلوه في دوامة المحاكم أكثر من مرة، بسبب خطأ إداري تمثل في عدم نزع ملكية الأرض التي أقيم عليها للمنفعة العامة عند تأسيسه في العام 1978، وبسبب مطالبات فرع الهيئة العامة للأوقاف المتكررة، بإيجارات شهرية تقترب من سقف المائة ألف دينار، وهي أعلى قيمة إيجار تطلبها جهة عامة، من مؤسسة عامة أخرى، وكلاهما جهة حكومية، وقد استندت هيئة الأوقاف في ما ذهبت إليه، كون المركز قد شيد على أنقاد مقبرة قديمة، وهي مقبرة سيدي العرضاوي، فيما تعود تبعية المقابر التاريخية لمصلحة الآثار، وليس لهيئة الأوقاف، ولكن لا أحد يعلم كيف استطاعت الأوقاف استغلال هذا الخلل الإداري، لتضع مصير 27 مليون وثيقة نادرة في مهب الريح.

 

نحن نستهجن كهيئة للثقافة، ما يتعرض له المركز، وندعو المجلس الرئاسي، لإعادة الأمور لنصابها، كما ندعوا فرع الهيئة العامة للأوقاف بتحكيم العقل، والنظر للمصلحة العليا للوطن، والكف عن التحرش بهذا المرفق البحثي الذي يمثل ذاكرة الليبيين جميعًا، كما نؤكد أننا نضع كافة إمكانيات الهيئة العامة للثقافة، تحت تصرف المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، وندعو جميع الأدباء والكتاب، والفنانين، والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني لمساندة الهيئة، في حملها لمساندة المركز، ومناشدة الجهات القضائية، والحقوقيين للقيام بواجبهم تجاه هذا المعلم البحثي والأرشيفي الكبير.

لأننا نحب ليبيا، فإن دعم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية واجب مقدس.